[size=16]فروى مسلم في صحيحه عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط ( قل أعوذ برب الفلق ) و ( قل أعوذ برب الناس )"
بمثل هذا استقبل النبي صلى الله عليه و سلم هاتين السورتين العظيمتين ، و هو استقبال له دلالات و علامات يجدر الوقوف عندها ، و يحسن تأملها و الرشف من معينها ، و قد تأملت ما وجدته من كلام العلماء و المفسرين ، فأدهشني ما وجدته من فوائد و فرائد ، فعملت على ترتيبها و تنسيقها بشكل مختصر لتعم الفائدة ، و جعلتها بنقاط مرتبة ، و أفكار متسلسلة ، أسأل الله أن ينفع بها عباده و يجعلها لي ذخراً يوم ألقاه فهو نعم المولى و نعم النصير .
من أسرار المعوذتين
1- أن من مقاصد السورتين : تعميق التوحيد في النفوس و تعزيزه ، و ذلك لحاجة النفوس لمن يحفظها و يدفع عنها أنواع الشرور و الأذى ، و تعلقها بمن يحميها و يدفع عنها الشر و يرفعه عنها .
2- و في السورتين شهادة على بلاغ النبي صلى الله عليه و سلم لرسالته بكل أمانة و صدق ، يشهد لهذا قول أبي بن كعب - رضي الله عنه - : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين فقال : ( قيل لي فقلت ) فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رواه البخاري .
[size=16]3- قال ابن تيمية في " ففي سورة الإخلاص الثناء على اللّه،وفي المعوذتين دعاء العبد ربه ليعيذه، والثناء مقرون بالدعاء، كما قرن بينهما في أم القرآن المقسومة بين الرب والعبد : نصفها ثناء للرب،ونصفها دعاء للعبد، والمناسبة في ذلك ظاهرة؛ فان أول الإيمان بالرسول الإيمان بما جاء به من الرسالة وهو القران، ثم الإيمان بمقصود ذلك وغايته وهو ما ينتهي الأمر إليه من النعيم والعذاب . وهو الجزاء، ثم معرفة طريق المقصود وسببه وهو الأعمال : خيرها ليفعل، وشرها ليترك . ثم ختم المصحف بحقيقة الإيمان وهو ذكر اللّه ودعاؤه، كما بنيت عليه أم القران، فان حقيقة الإنسان المعنوية هو المنطق، والمنطق قسمان : خبر وإنشاء، وأفضل الخبر وانفعه وأوجبه ما كان خبرًا عن اللّه كنصف الفاتحة وسورة الإخلاص، وأفضل الإنشاء الذي هو الطلب وانفعه وأوجبه ما كان طلبًا من اللّه، كالنصف الثاني من الفاتحة و المعوذتين . " ا.هـ
4-[size=16] أن الشر الذي يصيب العبد لا يخلو من قسمين :
أ - إما ذنوب وقعت منه يعاقب عليها فيكون وقوع ذلك بفعله وقصده وسعيه ، ويكون هذا الشر هو الذنوب وموجباتها وهو أعظم الشرين وأدومهما وأشدهما اتصالاً بصاحبه و هذا سببه الوسوسة من شياطين الإنس و الجن و هذا ما تضمنته سورة الناس .
ب - وإما شر واقع به من غيره ، وذلك الغير إما مكلف ، أو غير مكلف ، والمكلف إما نظيره وهو الإنسان ، أو ليس نظيره وهو الجني وغير المكلف مثل الهوام وذوات الحمى وغيرها و هذا ما تضمنته سورة الفلق .
فتضمنت هاتان السورتان الاستعاذة من هذه الشرور كلها بأوجز لفظ وأجمعه وأدله على المراد وأعمه استعاذة .
يتبع باذن الله.....[/size][/size][/size]